أقدم الأبجدياتتعد أبجدية إبلا أقدم الأبجديات وكذلك استعمل الإبليون في كتابة وثائقهم الكتابة المسمارية وأبجدية إيبلا
التي تعد من أقدم الأبجديات في التاريخ وعرفت الكتابة المسمارية عند
السومريون في نهاية الألف الرابع قبل الميلاد، ومن الجدير بالذكر أن
الكتابة المسمارية استعملت في الكثير من لغات المشرق القديم كالسومرية
والأكدية والإبلوية والحورية والحيثية. وثمة تشابه بين الرموز المسمارية
المستعملة في نصوص «فارا» و«أبو صلابيخ» في بلاد الرافدين، ويمكن تعليل
هذا التشابه بأن نصوص إبلا معاصرة للنصوص التي وجدت في هاتين المدينتين
ويعود تاريخها إلى 2600 - 2500 ق.م. والشكل الخارجي للألواح متشابه أيضًا.
وقد كتبت هذه النصوص على ألواح طينية مختلفة القياسات والأشكال، وعلى
الوجهين
أما اللغة المستعملة في كتابة نصوص إيبلا، فيدل النص المكتوب على تمثال
الملك إيبيط - ليم، الذي يعود إلى العصر السوري القديم (3000 - 1800ق.م)
والوثائق الأخرى التي تعود إلى هذا العصر على أنها كتبت جميعها باللغة
الأكدية بلهجة قريبة من اللهجة الآشورية القديمة. أما نصوص المحفوظات
الملكية التي تعود كما يرى ماتييه إلى العصر السوري الباكر الثاني (2400-
2250 ق.م)، فإنها كتبت بلغة لم تكن معروفة سابقًا هي اللغة الإبلوية. وفي
الواقع استعمل الإبلويون اللغة السومرية، إلى جانب لغتهم الخاصة، في كتابة
الألواح المختلفة،
[عدل] لغة وأبجدية ابلاتبين بعد كشف إبلا وجود لغة جديدة انقسمت آراء العلماء حول طبيعتها وعلاقتها باللغات التي دعيت سامية. فيرى جيوفاني بتيناتو مثلًا أن لغة ابلا
تختلف كثيرًا عن اللغتين الأكدية والآمورية في نظام الأفعال والضمائر
والاشتقاقات وتركيب الجملة وغيرها، وهي أقرب إلى اللغات التي تصنف على
أنها سامية شمالية غربية، إذ تظهر الصلة وثيقة بالأوغاريتية والكنعانية،
وبناء على هذه الصلة القوية يكن أن تسمى هذه اللغة كنعانية قديمة، وهي
أقدم لغة شمالية غربية معروفة حتى الآن، وتوازي زمنيًا الأكدية القديمة.
ويرى آخرون مثل غِلْب Gelb أن أوثق العلاقات اللغوية للإبلوية كانت مع
الأكدية القديمة والأمورية، وبعيدة عن الأوغاريتية وأبعد ما تكون عن العبرية،
ولايمكن أن تعد لهجة أكدية أو أمورية، كذلك لايمكن عدّها كنعانية فهي لغة
مستقلة عرفت في إبلا تضاف إلى قائمة اللغات الثماني المعروفة التي تصنف
تحت اسم اللغات السامية لتكون اللغة التاسعة فيها، وثمة رأي ثالث يقول به
أركي A.Archi هو أن اللغة الإبلوية شديدة الصلة بالأكدية القديمة في
نحوها، وبعض أشكال النحو فيها أقرب إلى العربية والعربية الجنوبية، بيد
أنها من الناحية المعجمية أشد ارتباطًا باللغات السورية الشمالية الغربية
(الأوغاريتية والكنعانية والآرامية) وتصعب معرفة طبيعة اللغة الإبلوية إلا
بعد قراءة عدد أكبر من النصوص وتفسيرها.
وقد أسفرت الحفريات التي تمت في تل مرديخ حتى عام 1973 م
عن كشف قطع من ألواح طينية مسمارية إلى جانب الكتابة التي على تمثال الملك
إيبيط - ليم. وفي الأعوام التي تلت عثر على عدة مجموعات من المحفوظات هي:
1974
عثر في شهر آب عام 1974 في الغرفة ذات الرقم L.2586 الواقعة في الجناح
الشمالي الشرقي من القصر الملكي على 42 لوحًا وقطعة باللغة المسمارية. ومن
دراسة هذه اللوحات تبين أنها ذات طبيعة إدارية، ومعظمها إيصالات تزودنا
بمعلومات تاريخية واقتصادية ذات قيمة. إذ تذكر إحدى اللوحات مثلًا تسلم
منسوجات من أحد الأشخاص، أما تاريخها فهو: «سنة الحملة على غارمو Garmu».
ومن ذلك معلومات عن صناعة النسيج وعن حملة عسكرية. ويتكرر ذكر مدن كيش
وتوتول وماري في المحفوظات.
- الكتابات المكتشفة عام 1975
عثرت البعثة الإيطالية في آب 1975 في الغرفة ذات الرقم L.2712 على نحو
ألف لوح وكسرة، كما عثرت في الغرفة ذات الرقم L.2769 الواقعة في الطرف
الغربي من القصر الملكي على نحو أربعة عشر ألف لوح وقطعة، وتعدّ هذه
الغرفة المكتبة الملكية. كذلك عثر في الغرفة ذات الرقم L.2764 على بعض
القطع والكسرات. وبذلك فاق عدد الألواح والكسرات التي عثر عليها في عام
1975 خمسة عشر ألفًا معظمها وثائق إدارية واقتصادية، ومن بينها قوائم
بأسماء الموظفين وقوائم بالمخصصات اليومية والشهرية للأسرة المالكة
ولموظفين في الدولة ولمواطنين إبلويين. وتشتمل هذه المخصصات على كميات من
الخبز والجعة والخمر والزيت ولحم الغنم والخنازير. كذلك تذكر القوائم
مخصصات لسعاة كانوا يسافرون إلى مدن صديقة، وتقدمات للمعابد والآلهة،
والأموال التي كانت تؤديها الدول الأخرى لإبلا. وهناك الكثير من النصوص
التي تتحدث عن الزراعة وتربية الحيوان والصناعة والتجارة. وتحتل النصوص
التاريخية والحقوقية في هذه المحفوظات المرتبة الثانية من حيث الأهمية.
وهي تشمل الأوامر والمراسيم الملكية والرسائل والتقارير الحربية
والمعاهدات. وأهمها المعاهدة التجارية بين إبلا وآشور، كما تشمل النصوص
الحقوقية مجموعات قانونية وعقود ميراث وبيع وشراء. وتليها في الأهمية
النصوص المعجمية التي تدل على مكانة إبلا الثقافية والحضارية، ومن بين تلك
النصوص المعجمية قوائم الرموز المسمارية ونصوص القواعد والمعاجم ثنائية
اللغة (باللغتين السومرية والإبلوية)، وهي أول المعاجم الثنائية اللغة
المعروفة في التاريخ. وتحتل النصوص الأدبية المركز الرابع في هذه
المحفوظات وهي تشتمل على عشرين أسطورة على الأقل، وبعضها من عدة نسخ، وعلى
ترنيمات وابتهالات للآلهة تلقي ضوءًا جديدًا على المعتقدات الدينية في
المشرق في الألف الثالث قبل الميلاد.
- الكتابات المكتشفة عام 1976
عثر على هذه المحفوظات في الغرف رقم L.3769 وL.2875 وL.3764 وهي تضم
نحو 1600 لوح وكسرة. إن العدد الإجمالي للألواح التي عثر عليها يزيد على
سبعة عشر ألف لوح وكسرة، وهي ذات أشكال مختلفة كتبت بقلم خاص، ربما كان من
العظم، ولكن عدد النصوص يقدّر باثني عشر ألف نص. وكان اللوح يكتب ويجفف
تحت أشعة الشمس، ولكن الحريق الكبير الذي التهم القصر الملكي بعد هجوم
نارام - سين على إبلا أدى إلى شي الألواح الطينية المحفوظة فيه. وتعدّ
محفوظات إبلا أكبر المحفوظات التي تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد،
ويمكن موازنتها بالمكتبات والمحفوظات الأخرى التي تعود للألفين الثاني
والأول قبل الميلاد، مثل محفوظات ماري وأُوغاريت ومكتبات نينوى وآشور.