منتــــــــديـــــات كليـــــــــة الآداب الثـــــانيـــة في إدلـــــــــــب
كتب الكترونية- محاضرات وملخصات- نتائج امتحانية- اخبار- افلام ومسلسلات اجنبية- اغاني اجنبية- رياضة- فن وادب- والمزيد...

اهلا و سهلا بك اخي/ اختي الزائر, انت غير مسجل في المنتدى اذا اردت التسجيل/ الدخول اضغط هنا....
منتــــــــديـــــات كليـــــــــة الآداب الثـــــانيـــة في إدلـــــــــــب
كتب الكترونية- محاضرات وملخصات- نتائج امتحانية- اخبار- افلام ومسلسلات اجنبية- اغاني اجنبية- رياضة- فن وادب- والمزيد...

اهلا و سهلا بك اخي/ اختي الزائر, انت غير مسجل في المنتدى اذا اردت التسجيل/ الدخول اضغط هنا....
منتــــــــديـــــات كليـــــــــة الآداب الثـــــانيـــة في إدلـــــــــــب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


كتب الكترونية- محاضرات وملخصات- نتائج امتحانية- اخبار- افلام ومسلسلات اجنبية- اغاني اجنبية- رياضة- فن وادب- والمزيد...
 
الرئيسيةالصفحة الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
ننصح باستخدام مستعرض Firefox للانترنت للحصول على التوافق الافضل مع المنتدى وبالنسبة للعضويات سيتم تنشيطها من المدير ان لم يستطع اصحابها تنشيطها من الايميل الشخصي
نود لفت انتباه اعضائنا الكرام انه تم تشغيل المشاركات والموضيع و تسجيل العضويات بالمنتدى

 

 اربعة عشر قصه حب من العصر القديم مع التوثيق

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
روبن هود
عضو نشيط
عضو نشيط
روبن هود


المساهمات : 162
نقاط التميز : 202
طالب بقسم : لغة عربية
السنة الدراسية : الثالثة
العمر : 36
الدولة : سورية
البرج : الميزان
البرج الصيني : التِنِّين
الجنس : ذكر

اربعة عشر قصه حب من العصر القديم مع التوثيق Empty
مُساهمةموضوع: اربعة عشر قصه حب من العصر القديم مع التوثيق   اربعة عشر قصه حب من العصر القديم مع التوثيق Empty27/09/09, 01:47 pm

العشـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاق......
اربعـــــــة عشــــــر قصــــة حقيقيـــــــه مع التوثيـق....استمتع واعطني رأيـــــــــــك


*عاشق جارية أخته
أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن، حدثنا أبو عمر محمد بن العباس، حدثنا أبو بكر بن المرزبان إجازة، حدثني محمد بن علي عن أبيه علي بن ابن دأب قال: عشق جاريةً لأخته، وكان سبب عشقه إياها أنه رآها في منامه فأصبح مستطاراً عقله ساهياً قلبه، فلم يزل كذلك حيناً لا يزداد إلا حباً ووجداً، حتى أنكر ذلك أهله وأعلموا عمه عما كان له، فسأله عن حاله، فلم يقر له بشيء، وقال: علة أجدها في جسمي، فدعا له أطباء الروم، فعالجوه بضروب من العلاج، فلم يزده علاجهم له إلا شراً، وامتنع من الطعام والكلام، فلما رأوا ذلك منه اجتمعوا على أن يوكلوا به امرأةً، فتسقيه الخمر حتى يبلغ منه دون السكر، فإن ذلك يدعوه إلى الكلام والبوح بما في نفسه، فعزم رأيهم على ذلك وأعلموا عمه ما اتفقوا عليه، فبعث إليه بقينة يقال لها حمامة، ووكل به حاضنةً كانت له، فلما أن شرب الفتى غنت الجارية قدامه، فأنشأ يقول:
دَعوني لما بي وَانهَضوا في كَلاءةٍ ... من اللهِ، قد أيقَنتُ أن لَستُ باقِيَا
وَأن قد دَنا مَوتي وحانَت منيّتي، ... وَقد جَلَبت عَيني عليّ الدوَاهِيا
أمُوتُ بشَوْقٍ في فُؤادي مُبرِّحٍ ... فَيَا وَيْحَ نَفسِي مَن به مثلُ ما بيَا
قال: فصارت الحاضنة والقينة إلى عمه، فأخبرتاه الخبر، فاشتدت له رحمته، فتلطف في دس جارية من جواريه إليه، وكانت ذات أدب وعقل، فلم تزل تستخرج ما في قلبه حتى باح لها بالذي في نفسه، فصارت السفيرة فيما بينه وبين الجارية، وكثرت بينهما الكتب، وعلمت أخته بذلك فانتشر الخبر، فوهبتها له فبرأ من علته، وأقام على أحسن حال.

*ميت يتكلم
أخبرنا أبو طاهر أحمد بن علي السواق بقراءتي عليه، حدثنا محمد بن أحمد بن فارس، حدثنا أبو الحسين عبد الله بن إبراهيم بن بيان البزاز الزبيبي، حدثنا أبو بكر محمد بن خلف، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني يحيى بن أيوب أن فتىً كان يعجب به عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال عمر: إن هذا الفتى ليعجبني، وإنه انصرف ليلةً من صلاة العشاء، فمثلت له امرأة بين يديه، فعرضت له بنفسها، ففتن بها، ومضت فاتبعها حتى وقف على بابها، فلما وقف بالباب أبصر وجلي عنه، ومثلت له هذه الآية: " إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون " ، فخر مغشياً عليه، فنظرت إليه المرأة فإذا هو كالميت، فلم تزل هي وجارية لها تتعاونان عليه حتى ألقتاه على باب داره.
وكان له أب شيخ كبير يقعد لانصرافه، كل ليلة، فخرج، فإذا مر به ملقى على باب الدار لما به، فاحتمله فأدخله، فأفاق بعد ذلك، فسأله أبوه: ما الذي أصابك يا بني؟ قال: يا أبت لا تسألني، فلم يزل به حتى أخبره، وتلا الآية. وشهق شهقة خرجت معها نفسه؛ فدفن فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فقال ألا آذ نتموني بموته؟ فذهب حتى وقف على قبره، فنادى: يا فلان، ولمن خاف مقام ربه جنتان، فأجابه الفتى من داخل القبر: قد أعطانيهما ربي يا عمر.

قتلته بالسحر
أخبرنا أبو طاهر أحمد بن علي السواق، حدثنا محمد بن أحمد بن فارس، حدثنا عبد الله بن محمد بن إبراهيم، حدثنا محمد بن خلف قال: قال إسحق بن منصور: حدثني جابر بن نوح قال: كنت بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، جالساً عند بعض أهل السوق، فمر بي شيخ حسن الوجه حسن الثياب، فقام إليه البائع فسلم عليه، وقال له: يا محمد! أسأل الله أن يعظم أجرك وأن يربط على قلبك بالصبر. فقال الشيخ مجيباً له:
وكانَ يَميني في الوَغَى وَمُسَاعِدي، ... فأصْبَحتُ قَد خانَت يميني ذِرَاعُها
وَأصْبَحتُ حرّاناً من الثُّكلِ حَائِراً، ... أخَا كَلَفٍ ضَاقَتْ عليّ رِبَاعُهَا
فقال البائع: أبشر يا أبا محمد، فإن الصبر معول المؤمن، وإني لأرجو أن لا يحرمك الله الأجر على مصيبتك. فقلت له: من هذا الشيخ؟ فقال: رجل منا من الأنصار من الخزرج، فقلت: وما قصته؟ قال: أصيب بابنه، وكان به باراً قد كفاه جميع ما يعنيه، وقام به، وميتته أعجب ميتةٍ. قلت: وما كان سبب ميتته، وما كان خبره؟ قال: أحبته امرأة من الأنصار، فأرسلت إليه تشكو حبها وتسأله الزيارة، وتدعوه إلى الفاحشة. قال: وكانت ذات بعل، فأرسل إليها:
إنّ الحَرَامَ سَبيلٌ لستُ أسلُكُهُ، ... وَلا أمرُّ به ما عشتُ في النّاسِ
ألغي العتابَ، فإني غَيرُ مُتّبِعٍ ... ما تَشتَهينَ، فكُوني مِنهُ في يَاسِ
فلما قرأت الأبيات كتبت إليه:
دَعْ عَنكَ هذا الذي أصبَحت تذكرهُ، ... وَصِرْ إلى حَاجَتي يا أيّها القاسِي
دَعِ التّنَسُّكَ إنّي غَيْرُ نَاسِكَةٍ، ... وَلَيسَ يَدخُلُ ما أبدَيتَ في رَاسِي
قال: فأفشى ذلك إلى صديق له، فقال له: لو بعثت إليها بعض أهلك فوعظتها وزجرتها رجوت أن تكف عنك. فقال: والله لا فعلت ولا صرت في الدنيا حديثاً، وللعار في الدنيا خير من النار في الآخرة، وقال:
العارُ في مدّةِ الدّنيَا وَقِلّتِهَا، ... يَفنى وَيَبقى الذي بالنّار يؤذِيني
وَالنّارُ لا تَنقَضِي ما دامَ بي رَمَقٌ، ... وَلَستُ ذا ميتةٍ فيها، فتُفنيني
لكنْ سأصْبرُ صَبرَ الحُرِّ مُحتَسِباً، ... لَعَلّ رَبي مِن الفِرْدَوسِ يُدنيني
قال: وأمسك عنها، فأرسلت إليه: إما أن تزورني، وإما أن أزورك، فأرسل إليها: اربعي أيتها المرأة على نفسك، ودعي عنك التسرع إلى هذا الأمر. قال: فلما أيست منه ذهبت إلى امرأة كانت تعمل السحر، فجعلت لها الرغائب لتهيجه. قال: فعملت لها فيه.
قال: فبينا هو ذات ليلة جالس مع أبيه، إذ خطر ذكرها بقلبه وهاج به أمر لم يكن يعرفه، واختلط، فقام من بين يدي أبيه مسرعاً فصلى واستعاذ وجعل يبكي والأمر يتزايد، فقال له أبوه: يا بني ما قصتك؟ فقال: يا أبت! أدركني بقيد فما أرى إلا وقد غلب علي. قال: فجعل أبوه يبكي ويقول: يا بني حدثني بالقصة، فحدثه بقصته، فقام إليه فقيده وأدخله بيتاً، فجعل يضطرب ويخور كما يخور الثور، ثم هدأ ساعة عند الباب، فإذا هو ميت، وإذا الدم يسيل من منخره.

*لا مات ولا عوفي
أخبرنا الأمير السيد أبو محمد الحسن بن عيسى بن المقتدر بالله، حدثنا أحمد بن منصور اليشكري، حدثنا أبو بكر بن دريد، حدثنا الرياشي قال: قال عركن بن الجميح الأسدي: كان لي صديق من الحي، وكان شاباً جميلاً، يعشق ابنة عم له، وكانت له محبة، وكانت هيبة عمه تمنعه أن يخطبها إليه، فحجبت عنه، فكان يأتيني، فيشكو شوقه إليها، فما لبث أن مرض عمه مرضاً أشفى منه، فكان الفتى يدخل إليه، وابنته عند رأسه تمرضه، فيستشفي بالنظر إليها، ثم يخرج إلي مسروراً جذلاً، إلى أن برأ عمه فأنشأ يقول:
أبكي مِنَ الخَوْفِ أن يبرَا فَيحجُبَها ... وَلَستُ أبكي على عمّي من الجَزَعِ
لا ماتَ عمّي وَلا عُوفي منَ الوَجَعِ ... وَعَاشَ ما عاشَ بينَ اليَأسِ وَالطَّمعِ
فخطبت الجارية، فزوجها أبوها غيره، فجاءني الفتى، فقال: ودعني وداعاً لا نتلاقى بعده! فناشدته، فإذا الجزع قد حال دون فهمه، فقلت: فأين تذهب؟ فقال: اذهب ما وجدت أرضاً؛ ونهض، فكان آخر العهد به، وقد التمسه عمه في آفاق البلاد، فما قدر عليه ولم يطل عمر الجارية بعده.

*سكينة والفرزدق
وأخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن بندار الشيرازي أيضاً بالمسجد الحرام، قال: أخبرنا أبو أحمد بن لآل الهمذاني قال: حدثنا أبو بكر بن أحمد الأخباري وأحمد بن الحسين قالا: حدثنا حامد بن حماد، حدثنا إسحق بن سيار، حدثنا الأصمعي، حدثنا جهضم بن سالم: بلغني أن الفرزدق بن غالب خرج حاجاً، فمر بالمدينة ودخل على سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب مسلماً عليها، فقالت: يا فرزدق، من أشعر الناس؟ قال: أنا. قالت: ليس كما قلت، أشعر منك الذي يقول:
بِنَفسِيَ مَن تَجَنّيهِ عَزيزٌ ... عليَّ، وَمَن زِيَارَتُهُ لمَامُ
وَمَن أُمسِي وَأُصْبحُ لا أرَاهُ ... ويَطَرُقني إذا هَجَعَ النِّيَامُ
فقال: والله لئن آذنتني لأسمعنك من شعري ما هو أحسن من هذا. فقالت: أقيموه، فخرج. فلما كان من الغد، عاد إليها، فقالت: يا فرزدق! من أشعر الناس؟ قال: أنا. قالت: ليس كما قلت؛ أشعر منك الذي يقول:
لَولا الحَيَاءُ لهَاجَني اسِتعبَارُ، ... وَلَزُرْتُ قَبرَكِ وَالحَبيبُ يُزَارُ
كانَتْ إذا هَجَرَ الضَّجيعُ فرَاشَها ... خُزِنَ الحَديثُ وَعفَّتِ الأسرَارُ
لا يُلبِثُ القُرَنَاءَ أنْ يَتَفَرَّقُوا ... لَيلٌ يَكُرُّ عَلَيهِمُ وَنَهَارُ
قال: والله لئن أذنت لي لأسمعنك من شعري ما هو أحسن من هذا، فأمرت به، فأخرج. فلما كان الغد غدا عليها، وحولها جوار مولدات، عن يمينها وعن شمالها، كأنهن التماثيل، فنظر الفرزدق واحدة منهن، كأنها ظبية أدماء، فمات عشقاً لها، وجنوناً بها، فقالت: يا فرزدق! من أشعر الناس؟ قال: أنا، قالت: ليس كذلك؛ أشعر منك الذي يقول:
إنَّ العُيونَ التي في طَرْفها مَرَضٌ ... قَتَلْنَنَا ثمّ لَمْ يُحيِينَ قَتْلانَا
يصرَعْنَ ذا اللُّبِّ حتى لا حرَاكَ به ... وَهُنَّ أضْعَفُ خَلْقِ اللهِ أرْكَانَا
فقال: يا ابنة رسول الله! إن لي عليك حقاً عظيماً لموالاتي لك ولآبائك، وإني سرت إليك من مكة قاصداً لك إرادة التسليم عليك، فلقيت في مدخلي إليك من التكذيب لي والتعنيف، ومنعك إياي أن أسمعك من شعري ما قطع ظهري وعيل صبري به، والمنايا تغدو وتروح، ولا أدري لعلي لا أفارق المدينة حتى أموت، فإذا مت فمري من يدفنني في درع هذه الجارية، وأومأ إلى الجارية التي كلف بها، فضحكت سكينة حتى كادت تخرج من بردها، ثم أمرت له بألف درهم و**ى وطيب وبالجارية بجميع آلتها، وقالت: يا أبا فراس! إنما أنت واحد منا أهل البيت، لا يسؤك ما جرى. خذ ما أمرنا لك به، بارك الله لك فيه، وأحسن إلى الجارية، وأكرم صحبتها؛ وأمرت الجواري، فدفعن في ظهورهما، فقال الفرزدق، فلم أزل والله أرى البركة بدعائها في نفسي وأهلي ومالي.

*أحيا الناس جميعاً
أنبأنا الشيخ الصالح أبو طالب محمد بن علي بن الفتح، أخبرنا أبو الحسين محمد ابن أخي ميمي، حدثنا جعفر الخالدي، حدثنا أحمد بن محمد بن مسروق، حدثنا محمد الحسين البرجلاني، حدثني أشرس بن النعمان، حدثني الجزري، حدثني موسى بن علقمة المكي قال: كان عندنا ههنا بمكة نخاس، وكانت له جارية، وكان يوصف من جمالها وكمالها أمر عجيب، وكان يخرجها أيام الموسم، فتبذل فيها الرغائب، فيمتنع من بيعها، ويطلب الزيادة في ثمنها، فما زال كذلك حينا، وتسامع بها أهل الأمصار، فكانوا يحجون عمداً للنظر إليها.
قال: وكان عندنا فتىً من النساك قد نزع إلينا من بلده، وكان مجاوراً عندنا، فرأى الجارية يوماً، في أيام العرض لها، فوقعت في نفسه، وكان يجيء أيام العرض، فينظر إليها، وينصرف. فلما حجبت أحزنه ذلك، وأمرضه مرضاً شديداً، فجعل يذوب جسمه، وينحل، واعتزل الناس، فكان يقاسي البلاء طول السنة إلى أيام الموسم، فإذا خرجت الجارية إلى العرض خرج فنظر إليها فسكن ما به، حتى تحجب. فبقي على ذلك سنين، ينحل ويذبل، وصار الخلال من شدة الوله وطول السقم. قال: فدخلت عليه يوماً، ولم أزل به، وألح عليه، إلى أن حدثني بحديثه، وما يقاسيه، وسأل أن لا أذيع عليه ذلك، ولا يسمع به أحد، فرحمته لما يقاسي، وما صار إليه، فدخلت إلى مولى الجارية، ولم أزل أحادثه، إلى أن خرجت إليه بحديث الفتى، وما يقاسي، وما صار إليه، وأنه على حالة الموت، فقال: قم بنا إليه حتى أشاهده وأنظر حاله.
فقمنا جميعاً فدخلنا عليه، فلما دخل مولى الجارية ورآه وشاهده، وشاهد ما هو عليه لم يتمالك أن رجع إلى داره، فأخرج ثياباً حسنة سرية، وقال: أصلحوا فلانة، ولبسوها هذه الثياب، واصنعوا بها ما تصنعون لها أيام الموسم، ففعلوا بها ذلك، فأخذ بيدها، وأخرجها إلى السوق، ونادى في الناس، فاجتمعوا، فقال: معاشر الناس! اشهدوا أني قد وهبت جاريتي فلانة لهذا وما عليها ابتغاء ما عند الله. ثم قال للفتى: تسلم هذه الجارية فهي هدية مني إليك بما عليها، فجعل الناس يعذلونه ويقولون: ويحك! ما صنعت؟ قد بذل لك فيها الرغائب، فلم تبعها، ووهبتها لهذا؟ فقال: إليكم عني، فإني قد أحييت كل من على وجه الأرض، قال الله تعالى: " ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً " .

*تضحية محمودة
حدثنا الخطيب بدمشق، أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن يعقوب الضبي، سمعت أمي تقول، سمعت مريم امرأة أبي عثمان تقول:
صادفت من أبي عثمان خلوةً، فاغتنمتها، فقلت: يا أبا عثمان! أي عملك أرجى عندك؟ فقال: يا مريم! لما ترعرعت، وأنا بالري، وكانوا يريدونني على التزويج، فأمتنع، جاءتني امرأة فقالت: يا أبا عثمان! قد أحببتك حباً ذهب بنومي وقراري، وأنا أسألك بمقلب القلوب، وأتوسل إليك به أن تتزوج بي. قلت: ألك والد؟ قالت: نعم، فلان الخياط، في موضع كذا وكذا، فراسلت أباها أن يزوجها إياي، ففرح بذلك وأحضر الشهود، فتزوجت بها. فلما دخلت بها وجدتها عوراء عرجاء مشوهة الخلق، فقلت: اللهم لك الحمد على ما قدرته لي.
فكان أهل بيتي يلومونني على ذلك، فأزيدها براً وإكراماً، إلى أن صارت بحيث لا تدعني أخرج من عندها، فتركت حضور المجلس إيثاراً لرضاها، وحفظاً لقلبها، ثم بقيت معها على هذه الحال خمس عشرة سنة، وكأني في بعض أوقاتي على الجمر، وأنا لا أبدي لها شيئاً من ذلك إلى أن ماتت، فما شيء أرجى عندي من حفظي عليها ما كان في قلبها من جهتي.

*رجل في ثوب امرأة
أنبأنا محمد بن الحسين الجازري، حدثنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا، حدثنا الحسين ابن القاسم الكوكبي، حدثنا عبد الله بن محمد القرشي، حدثنا محمد بن صالح الحسني، حدثني أبي عن نمير بن قحيف الهلالي قال: كان في بني هلال فتىً يقال له بشر، ويعرف بالأشتر، وكان سيداً حسن الوجه، شديد القلب، سخي النفس، وكان معجباً بجارية من قومه تسمى جيداء، وكانت الجارية بارعةً، فاشتهر أمره وأمرها ووقع الشر بينه وبين أهلها، حتى قتلت بينهم القتلى، وكثرت الجراحات، ثم افترقوا على أن لا ينزل أحد منهم بقرب الآخر.
فلما طال على الأشتر البلاء والهجر جاءني ذات يوم، فقال يا نمير! هل فيك من خيرٍ؟ قلت: عندي كل ما أحببت. قال: أسعدني على زيارة جيداء، فقد ذهب الشوق إليها بروحي، وتنغصت علي حياتي، قلت: بالحب والكرامة، فانهض إذا شئت.
فركب وركبت معه، فسرنا يومنا وليلتنا، حتى إذا كان قريباً من مغرب الشمس نظرنا إلى منازلهم، ودخلنا شعباً خفياً، فأنخنا راحلتينا، وجلين، فجلس هو عند الراحلتين، وقال: يا نمير! اذهب، بأبي أنت وأمي، فادخل الحي واذكر لمن لقيك أنك طالب ضالةً، ولا تعرض بذكري بين شفةٍ ولسان، فإن لقيت جاريتها فلانة الراعية، فأقرئها مني السلام، وسلها عن الخبر، وأعلمها بمكاني.
فخرجت لا أعذر في أمري حتى لقيت الجارية فأبلغتها الرسالة، وأعلمتها بمكانه، وسألتها عن الخبر، فقالت: بلى، والله، مشدد عليها، متحفظ منها، وعلى ذلك فموعدكما الليلة عند تلك الشجرات اللواتي عند أعقاب البيوت.
فانصرفت إلى صاحبي، فأخبرته الخبر، ثم نهضنا نقود راحلتينا، حتى جاء الموعد، فلم نلبث إلا قليلاً إذا جيداء قد جاءت تمشي حتى دنت منا، فوثب إليها الأشتر، فصافحها وسلم عليها، وقمت مولياً عنهما، فقالا: إنا نقسم عليك إلا ما رجعت، فوالله ما بيننا ريبة، ولا قبيح نخلو به دونك. فانصرفت راجعاً إليهما حتى جلست معهما، فتحدثا ساعةً، ثم أرادت الانصراف، فقال الأشتر: أما فيك حيلة يا جيداء، فنتحدث ليلتنا، ويشكو بعضنا إلى بعض؟ قالت: والله ما إلى ذلك من سبيل إلا أن تعود إلى الشر الذي تعلم. قال لها الأشتر: لا بد من ذلك، ولا وقعت المساء على الأرض. فقالت: هل في صديقك هذا من خير أو فيه مساعدة لنا؟ قال: الخير كله. قالت: يا فتى! هل فيك من خيرٍ؟ قلت: سلي ما بدا لك، فإني منته إلى مرادك، ولو كان في ذلك ذهاب روحي.
فقامت فنزعت ثيابها، فخلعتها علي، فلبستها. ثم قالت: اذهب إلى بيتي، فادخل في خبائي، فإن زوجي سيأتيك بعد ساعة، أو ساعتين، فيطلب منك القدح ليحلب به الإبل، فلا تعطه إياه حتى يطيل طلبه، ثم ارم به رمياً، ولا تعطه إياه من يدك، فإني كذا كنت أفعل به، فيذهب فيحلب، ثم يأتيك عند فراغه من الحلب والقدح ملآن لبناً، فيقول: هاك غبوقك، فلا تأخذ منه حتى تطيل نكداً عليه، ثم خذه أو دعه حتى يضعه، ثم لست تراه حتى تصبح، إن شاء الله تعالى.
قال: فذهبت، ففعلت ما أمرتني به، حتى إذا جاء القدح الذي فيه اللبن أمرني أن آخذه فلم آخذه، حتى طال نكدي، ثم أهويت لآخذه، وأهوى ليضعه، واختلفت يدي ويده، فانكفأ القدح، واندفق ما فيه، فقال: إن هذا طماح مفرط. وضرب بيده إلى مقدم البيت فاستخرج منه سوطاً مفتولاً كمتن الثعبان المطوق، ثم دخل علي، فهتك الستر عني وقبض بشعري، وأتبع ذلك السوط متني، فضربني تمام ثلاثين، ثم جاءت أمه وإخوته، وأخت له، فانتزعوني من يده، ولا والله ما أقلعوا، حتى زايلتني روحي، وهممت أن أوجره السكين، وإن كان فيه الموت.
فلما خرجوا عني، وهو معهم، شددت ستري، وقعدت كما كنت، فلم ألبث إلا قليلاً حتى دخلت أم جيداء علي تكلمني، وهي تحسبني ابنتها، فاتقيتها بالسكات والبكى، وتغطيت بثوبي دونها. فقالت: يا بنية! اتقي الله ربك ولا تعرضي لمكروه زوجك فذاك أولى بك، فأما الأشتر، فلا أشتر لك آخر الدهر.
ثم خرجت من عندي، وقالت: سأرسل إليك أختك تؤنسك، وتبيت عندك الليلة. فلبثت غير ما كثير، فإذا الجارية قد جاءت فجعلت تبكي وتدعو على من ضربني، وجعلت لا أكلمها، ثم اضطجعت إلى جانبي، فلما استمكنت منها شددت بيدي على فيها، وقلت: يا هذه! تلك أختك مع الأشتر، وقد قطع ظهري الليلة في سببها، وأنت أولى بالستر عليها، فاختاري لنفسك، ولها، فوالله لئن تكلمت بكلمة لأصيحن بجهدي حتى تكون الفضيحة شاملةً، ثم رفعت يدي عنها، فاهتزت الجارية كما تعتز القصبة من الزرع، ثم بات معي منها أملح رفيق رافقته، وأعفه وأحسنه حديثاً، فلم تزل تتحدث، وتضحك مني ومما بليت به من الضرب حتى برق النور، إذا جيداء قد دخلت علينا من آخر البيت، فلما رأتنا ارتاعت، وفزعت، وقالت: ويلك! من هذا عندك؟ قلت: أختك. قالت: وما السبب؟ قلت: هي تخبرك، ولعمر الله إنها لعالمة بما نزل بي.
وأخذت ثيابي منها، ومضيت إلى صاحبي، فركبنا، ونحن خائفان، فلما سري عنا روعنا، حدثته ما أصابني، وكشفت عن ظهري، فإذا فيه ما غرس الله من ضربة إلى جانب أخرى، كل ضربة تخرج الدم وحدها. فلما رآني الأشتر قال: لقد عظمت صنيعتك ووجب شكرك، إذ خاطرت بنفسك، فبلغني الله مكافأتك.

*بنت تخون أباها
أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل الضراب بمصر، حدثنا أبي، رحمه الله تعالى، حدثنا أحمد بن مروان، حدثنا عبد الله بن مسلم بن قتيبة قال: قرأت في سير العجم أن أردشير لما استوثق له أمره وأقر له بالطاعة ملوك الطوائف، حاصر ملك السريانية، وكان متحصناً في مدينة يقال لها الحضر، بإزاء مسكن من برية الثرثار، وهي برية سنجار، والعرب تسمي ذلك الملك الشاطرون، فحاصره فلم يقدر على فتحها، حتى رقت بنت الملك على الحصن يوماً، فرأت أردشير، فهويته، فنزلت وأخذت نشابة، وكتبت عليها: إن أنت ضمنت لي أن تتزوجني، دللتك على موضع تفتح به المدينة بأيسر الحيلة وأخف المؤونة، ثم رمت بالنشابة نحو أردشير، فقرأها، وأخذ نشابةً، فكتب إليها: لك الوفاء بما سألتني، ثم ألقاها إليها، فدلته على الموضع، فأرسل إليها، فافتتحها، فدخل، وأهل المدينة غارّون لا يشعرون، فقتل الملك، وأكثر القتل فيها، وتزوجها.
فبينما هي، ذات ليلة، على فراشه أنكرت مكانها، حتى سهرت أكثر ليلها، فقال لها: ما لك؟ قالت: أنكرت فراشي، فنظروا تحت الفراش، فإذا تحت المجلس طاقة آس قد ثرت في جلدها، فتعجب من رقة بشرتها، فقال لها: ما كان أبوك يغذوك؟ قالت: كان أكثر غذائي عنده الشهد والمخ والزبد. فقال لها: ما أحد بالغ في الحباء والكرامة مبلغ أبيك، وإذا كان جزاءه عندك على جهد إحسانه مع لطف قرابته، وعظم حقه، إساءتك إليه، فما أنا بآمن مثل ذلك منك، ثم أمر بأن تعقد قرونها بذنب فرس شديد الجري، جموح، ثم يجرى. ففعل ذلك بها حتى سقطت عضواً عضواً، وهو الذي يقول فيه أبو داود الإيادي:
وأَرَى المَوْتَ قَدْ تَدَلّى مِنَ الحِص ... نِ عَلى رَبّ أهلِهِ الشّاطرُونِ

*العاشق المظلوم
أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، حدثنا أبي، حدثنا أبو بكر محمد بن بكر البسطامي، حدثنا ابن دريد، حدثنا أحمد بن عيسى العكلي عن ابن أبي خالد عن الهيثم بن عدي قال: كان لعمرو بن دويرة السحمي أخ قد كلف بابنة عم له كلفاً شديداً، وكان أبوها يكره ذلك ويأباه، فشكا إلى خالد بن عبد الله القسري، وهو أمير العراق، أنه يسيء جواره، فحبسه، فسئل خالد في أمر الفتى، فأطلقه، فلبث الفتى مدةً كافاً عن ابنة عمه، ثم زاد ما في قلبه وغلب عليه الحب، فحمل نفسه على أن تسور الجدار إليها، وحصل معها الفتى، فأحس به أبوها، فقبض عليه، وأتى به خالد بن عبد الله القسري وادعى عليه السرق، وأتاه بجماعة يشهدون أنهم وجدوه في منزله ليلاً، وقد دخل دخول السراق، فسأل خالد الفتى، فاعترف بأنه دخل ليسرق، ليدفع بذلك الفضيحة عن ابنة عمه، مه أنه لم يسرق شيئاً، فأراد خالد أن يقطعه، فرفع عمرو أخوه إلى خالد رقعةً فيها:
أخالِدُ! قد وَاللهِ أُوطِئتَ عَشوَةً، ... وَمَا العَاشِقُ المَظلُومُ فِينا بسارِقِ
أقَرّ بِمَا لمْ يَأتِهِ المَرْءُ، إنّهُ ... رَأى القَطعَ خيراً من فَضيحَةِ عاتِقِ
وَلَوْلا الّذِي قد خفتُ من قَطعِ كفّهِ ... لأُلفِيتُ في أمرٍ لَهُم غيرَ نَاطِقِ
إذا مُدّتِ الغَايَاتُ في السَّبقِ للعُلى، ... فأنتَ ابنَ عَبدِ اللهِ أوّلُ سَابِقِ
وأرسل خالد مولىً له يسأل عن الخبر، ويتجسس عن جلية الأمر، فأتاه بتصحيح ما قال عمرو في شعره، فأحضر الجارية وأخذ بتزويجها من الفتى، فامتنع أبوها وقال: ليس هو بكفؤٍ لها. قال: بلى! والله إنه لكفؤٌ لها إذ بذل يده عنها، ولئن لم تزوجها لأزوجنه إياها وأنت كاره. فزوجه، وساق خالد المهر عنه، من ماله، فكان يسمى العاشق إلى أن مات.

*عاشق زوجة أخيه
وأخبرنا محمد بن الحسين، حدثنا المعافى بن زكريا، حدثنا محمد بن مخلد بن حفص العطار، حدثنا إبراهيم بن راشد بن سليمان الآدمي، حدثنا عبد الله بن عثمان الثقفي، حدثنا المفضل بن فضالة مولى عمر بن الخطاب عن محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني قال: كان في الجاهلية أخوان من حي يدعون بني كنّه، أحدهما متزوج، والآخر عزب، فقضي أن المتزوج خرج في بعض ما يخرج الناس فيه، وبقي الآخر مع امرأة أخيه، فخرجت، ذات يوم، حاسرةً، فرآها أحسن الناس وجهاً وثغراً، فلما علمت أن قد رآها، ولولت وصاحت وغطت بمعصمها وجهها. قال القاضي: المعصم موضع السوار، فزاده ذلك فتنة، فحمل الشوق على بدنه، حتى لم يبق إلا رأسه وعيناه تدوران فيه.
وقدم الأخ، فقال: يا أخي! ما الذي أرى بك؟ فاعتل عليه، وقال: الشوصة، والشوصة تسميها العرب اللوى وذات الجنب. فقال له ابن عمر: لا تكذبنه، ابعث إلى الحارث بن كلدة، فإنه من أطب العرب، فجيء به، فلمس عروقه فإذا ساكنها ساكن، وضاربها ضارب، فقال: ما بأخيك إلا العشق. فقال: سبحان الله تقول: هذا الرجل ميت؟ فقال: هو كذلك، أعندكم شيء من شراب؟ فجيء به ثم دعا بمسعط، فصب فيه من الشراب، وحل صرةً من صرره فذر فيه، ثم سقاه الثانية، ثم الثالثة، فانتشى يغني:
يَهيجُ ما يَهيجُ وَيَذكُرُ ... أيّها القَلبُ الحزِينُ ما يكُنّه
ألِمّا بي عَلى الأبْيَات ... تِ مِنْ خَيفٍ أزُرْهُنّه
غَزَالاً مَا رَأيتُ اليَوْ ... مَ في دُورِ بَني كُنّه
غَزَالٌ أحْوَرُ العَينِ، ... وَفي مَنطِقِهِ غُنّه
قال القاضي: البيت الأول من هذه الأبيات مضطرب، وأرى بعض من رواه **ره وأخل ببنائه ونظمه لأنه لم يكن له علم بوزن الشعر وترتيبه.
فقال الرجل: هذه دور قومنا، فليت شعري من؟ فقال الحارث: ليس فيه مستمتع غير هذا اليوم، ولكن أغدو عليكم من الغد، ففعل به كفعله بالأمس، فانتشى يغني سكراً، واسم امرأة أخيه ريا، فقال:
أيّها الحَيّ فَاسْلَمُوا، ... كَيْ تُحَيَّوا وَتُكرَموا
خَرَجَتْ مُزنةٌ مِنَ ال ... بَحْرِ رَيّا تُحَمْحِمُ
لَمْ تَكُنْ كَنّتي ... وَتزْعُمُ أنّي لهَا حَمُو
فقال الرجل لمن حضره: أشهدكم أنها طالق ثلاثاً، ليرجع إلى أخي فؤاده، فإن المرأة توجد، والأخ لا يوجد. فجاء الناس يقولون له: هنيئاً لك أبا فلان، فإن فلاناً قد نزل لك عن فلانة. فقال لمن حضر: أشهدكم أنها علي مثل أمي إن تزوجتها.
قال عبد الله بن عثمان: قال المفضل: قال ابن سيرين: قال عبيدة السلماني: ما أدري أي الرجلين أكرم الأول أم الآخر.

*المحبان الوفيان
أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن، حدثني أبي، حدثنا عبيد الله بن محمد الهروي، حدثني أبي، حدثني صديق لي ثقة: أنه كان ببغداد رجل من أولاد النعم، ورث مالاً جليلاً، وكان يعشق قينة، فأنفق عليها مالاً كثيراً ثم اشتراها، وكانت تحبه كما يحبها، فلم يزل ينفق ماله عليها إلى أن أفلس، فقالت له الجارية: يا هذا قد بقينا كما ترى، فلو طلبت معاشاً؟ قال: وكان الفتى لشدة حبه الجارية وإحضاره الأستاذات ليزيدوها في صنعتها قد تعلم الضرب والغناء فخرج صالح الضرب والحذق فيهما، فشاور بعض معارفه فقال: ما أعرف لك معاشاً أصلح من أن تغني للناس، وتحمل جاريتك إليهم، فتأخذ على هذا الكثير، ويطيب عيشك، فأنف من ذلك، وعاد إليها فأخبرها بما أشير به عليه، وأعلمها أن الموت أسهل عنده من هذا. فصبرت معه على الشدة مدة، ثم قالت له: قد رأيت لك رأياً. قال: قولي! قالت: تبيعني، فإنه يحصل لك من ثمني ما إن أردت أن تتجر به، أو تنفقه في ضيعة عشت عيشاً صالحاً، وتخلصت من هذه الشدة وأحصل أنا في نعمة، فإن مثلي لا يشتريها إلا ذو نعمة، فإن رأيت هذا، فافعل.
واستمرت بي الحال على هذا سنين كثيرة، فلما أن كان ذات يوم، رأيت قوماً يجتازون بجون ونبيذ اجتيازاً متصلاً، فسألت عن ذلك، فقيل لي: اليوم يوم الشعانين ويخرج أهل الظرف واللعب بالنبيذ والطعام والقيان إلى الأبلّة فيرون النصارى، ويشربون ويتفرجون. فدعتني نفسي إلى التفرج، وقلت: لعلي أن أقف لأصحابي على خبر، فإن هذا من مظانهم، فقلت لحميي: أريد أن أنظر هذا المنظر، فقال: شأنك.
وأصلح لي طعاماً وشراباً، وسلم إلي غلاماً وسفينةً، فخرجت وأكلت في السفينة، وبدأت أشرب حتى وصلت إلى الأبلة، وأبصرت الناس، وابتدأوا ينصرفون، وانصرفت، فإذا أنا بالزلال بعينه في أوساط الناس سائراً في نهر الأبلّة، فتأملته، فإذا بأصحابي على سطحه، ومعهم عدة مغنيات، فحين رأيتهم لم أتمالك فرحاً، فصرت إليهم، فحين رأوني عرفوني وكبروا، وأخذوني إليهم، وقالوا: ويحك أنت حي! وعانقوني، وفرحوا بي وسألوني عن قصتي، فأخبرتهم بها على أتم شرح، فقالوا: إنا لما فقدناك في الحال، وقع لنا أنك سكرت، ووقعت في الماء فغرقت، ولم نشك في هذا، فمزقت الجارية ثيابها، و**رت عودها، وجزت شعرها وبكت، ولطمت، فما منعناها من شيء من هذا، ووردنا البصرة، فقلنا لها: ما تحبين أن نعمل لك؟ فقد كنا وعدنا مولاك بوعد تمنعنا المروءة من استخدامك معه في حال فقده أو سماع غنائك. فقالت: تمكنوني من القوت اليسير، ولبس الثياب السود، وأن أعمل قبراً في بيت من الدار، وأجلس عنده، وأتوب من الغناء، فمكناها من ذلك، فهي جالسة عنده إلى الآن.
وأخذوني معهم، فحين دخلت الدار ورأيتها بتلك الصورة، ورأتني شهقت شهقة عظيمة، ما شككت في تلفها، واعتنقنا، فما افترقنا، ساعةً طويلة، ثم قال لي مولاها: قد وهبتها لك. فقلت: بل تعتقها، وتزوجني منها، كما وعدتني، ففعل ذلك ودفع إلينا ثياباً كثيرة وفرشاً، وقماشاً، وحمل إلي خمسمائة دينار، وقال: هذا مقدار ما أردت أن أجريه عليك في كل شهر، منذ أول يوم دخولي البصرة، وقد اجتمع هذا لهذه المدة، فخذه، والجائزة لك مستأنفة في كل شهر، وشيء آخر ل**وتك و**وة الجارية؛ والشرط في المنادمة وسماع الجارية من وراء ستارة باق عليك، وقد وهبت لك الدار الفلانية.
قال: فجئت إليها، فإذا بذلك الفرش والقماش الذي أعطانيه فيها، والجارية، فجئت إلى البقال فحدثته حديثي، وطلقت ابنته، ووفيتها صداقها، وأقمت على تلك الحال مع الهاشمي سنتين، فصلحت حالي، وصرت رب ضيعة ونعمة، وعادت حالي، وعدت إلى قريب مما كنت عليه، فأنا أعيش كذلك إلى الآن مع جاريتي.

*وفاء أعرابية لزوجها
أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي المقنعي، حدثنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه، حدثنا محمد بن خلف، حدثني محمد بن العباس المكتب، حدثني عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي عن عمه قال: رأيت أعرابية ذات جمال فائق بمنى، وهي تتصدق، فقلت لها: يا أمة الله تتصدقين، ولك هذا الجمال؟ فقالت: قدر الله فما أصنع؟ قلت: فمن أين معاشكم؟ قالت: هذا الحاج نتقممهم، ونغسل ثيابهم. قلت: فإذا ذهب الحاج، فمن أين؟ فنظرت إلي، وقالت لي: يا صلت الجبين! لو كنا إنما نعيش من حيث تعلم لما عشنا.
فوقعت بقلبي. فقلت لها: هل لك زوج يعفك ويغنيك الله بسعيه وكده؟ قالت: هيهات، ما أنا إذاً من العرب، ولم أف له! فعلمت أن زوجها توفي وآلت أن لا تتزوج بعده، فتركتها.

*العاشق المتكتم
وأخبرنا أحمد بن علي، حدثنا محمد بن أحمد بن فارس، حدثنا عبد الله بن إبراهيم البصري، حدثنا محمد بن خلف، حدثني أبو موسى عيسى بن جعفر الكاتب، حدثني محمد بن سعيد، حدثني إسحق بن جعفر الفارسي: سمعت عمر بن عبد الرحمن يحكي عن بعض العمريين قال: بينا أنا يوماً في منزلي إذ دخل علي خادم لي، فقال لي: رجل بالباب معه كتاب. فقلت له: ادخله، أو خذ كتابه. قال: فأخذت الكتاب منه، فإذا فيه هذه الأبيات:
تَجَنّبَكَ البَلا، وَلَقيتَ خَيراً، ... وَسَلّمكَ المَليكُ من الغُمومِ
شَكَوْنَ بَناتُ أحشائي إليكمُ ... هَوَايَ حِينَ ألفَتْني كَتُوم
وَحَاوَلْنَ الكِتابَ إلَيكَ في مَا ... يُخامِرُها، فدَتكَ من الهُمُومِ
وَهنّ يَقُلنَ يَا ابنَ الجودِ: إنّا ... بَرِمنا مِنْ مُرَاعاةِ النّجومِ
وَعندكَ، لوْ مَننتَ، شفاءُ سُقمي ... لأعضَاءٍ ضَنِينَ مِنَ الكُلُومِ
فلما قرأت الأبيات قلت: عاشق. فقلت للخادم: ادخله، فخرج إليه الخادم بالخبر فلم يجده، فقلت أخطأت، فما الحيلة؟ فارتبت في أمره، وجعل الفكر يتردد في قلبي، فدعوت جواري كلهن ممن يخرج منهن ومن لا يخرج فجمعتهن ثم قلت: أخبرنني الآن قصة هذا الكتاب.
قال: فجعلن يحلفن، وقلن: يا سيدنا ما نعرف لهذا الكتاب سبباً وإنه لباطل. ثم قلن: من جاء بهذا الكتاب؟ فقلت: قد فاتني، وما أردت بهذا القول لأني ضننت عليه بمن يهوى منكن، فمن عرفت منكن أمر هذا الرجل، فهي له فلتذهب إليه متى شاءت، وتأخذ كتابي إليه.
قال: فكتبت إليه كتاباً أشكره على فعله وأسأله عن حاله، وعما يقصده، ووضعت الكتاب في موضع من الدار، وقلت: من عرف شيئاً فليأخذه، فمكث الكتاب في موضعه حيناً لا يأخذه أحد ولا أرى للرجل أثراً، فاغتممت غماً شديداً ثم قلت: لعله من بعض فتياننا، ثم قلت: إن هذا الفتى قد أخبر عن نفسه بالورع، وقد قنع ممن يحبه بالنظر، فدبرت عليه، فحجبت جواري من الخروج.
قال: فما كان إلا يوم وبعض آخر، حتى دخل الخادم ومعه كتاب، فقلت له: ما هذا؟ قال: أرسل به إليك فلان، وذكر بعض أصدقائي، فأخذا الكتاب ففضضته، فإذا فيه هذه الأبيات:
ماذا أرَدتَ إلى رُوحِ مُعَلَّقَةٍ ... عند الترَاقي، وَحادي المَوْتِ يحدوهَا
حَثثتَ حَادِيهَا ظُلماً، فَجَدّ بهَا ... في السّيرِ، حتى تَوَلّتْ عن تَرَاقيهَا
حَجبتَ من كان يحيي عند رُؤيتهِ ... رُوحي، وَمن كانَ يَشفيني تلاقِيها
فالنّفسُ ترْتاحُ نحوَ الظّلمِ جاهِلةً، ... وَالقَلبُ مني سَليمٌ ما يُؤاتِيها
وَاللهِ لوْ قِيلَ لي تأتي بفَاحِشَةٍ، ... وَإنّ عُقباك دُنيانا وَمَا فِيها
لقُلتُ: لا وَالذي أخشَى عُقوبتَه ... وَلا بأضعَافِهَا مَا كُنتُ آتِيها
لَوْلا الحَياءُ لبُحنا بالذي كَتَمَتْ ... بنتُ الفُؤادِ، وَأبدَينَا تَمَنّيهَا
قال: قلت لا أدري ما أحتال في أمر هذا الرجل، وقلت للخادم: لا يأتيك أحد بكتاب إلا قبضت عليه حتى تدخله إلي، ولم أعرف له بعد ذلك خبراً.
قال: فبينا أنا أطوف بالكعبة، إذا أنا بفتى قد أقبل نحوي، وجعل يطوف إلى جنبي ويلاحظني، وقد صار مثل العود. قال: فلما قضيت طوافي خرجت واتبعني، فقال: يا هذا! أتعرفني؟ قلت: ما أنكرك لسوء، قال: أنا صاحب الكتابين.
قال: فما تمالكت أن قبلت رأسه وبين عينيه وقلت: بأبي أنت وأمي، والله لقد شغلت علي قلبي، وأطلت غمي لشدة كتمانك لأمرك، فهل لك فيما سألت وطلبت؟ قال: بارك الله لك وأقر عينك إنما أتيتك مستحلاً من نظر كنت أنظره على غير حكم الكتاب والسنة، والهوى داع إلى كل بلاء، وأستغفر الله. فقلت: يا حبيبي أحب أن تصير معي إلى المنزل، فآنس بك وتجري الحرمة بيني وبينك. قال: ليس إلى ذلك سبيل، فاعذر وأجب إلى ما سألتك. فقلت: يا حبيبي! غفر الله لك ذنبك، وقد وهبتها لك ومعها مائة دينار تعيش بها، ولك في كل سنة كذا وكذا.
قال: بارك الله لك فيها فلولا عهود عاهدت الله تعالى بها وأشياء وكدتها على نفسي لم يكن شيء في الدنيا أحب إلي من هذا الذي تعرضه علي، ولكن ليس إليه سبيل، والدنيا فانية منقطعة.
حدثني قلت له: فأما إذ أبيت أن تصير إلى ما دعوتك إليه، فأخبرني من هي من جواري حتى أكرمها لك ما بقيت. فقال: ما كنت لأسميها لأحد أبداً، ثم سلم علي، ومضى فما رأيته بعد ذلك.

*تفي لزوجها بعد موته
وأخبرنا الحسن بن علي، حدثنا محمد بن العباس، حدثنا محمد بن خلف، أخبرني أبو صالح الأزدي عن إبراهيم بن عبد الواحد الزيدي، أخبرني البهلول بن عامر، حدثني سعيد بن عبد العزيز التنوخي قال: كان الحسن بن سابور رجلاً له عقل ودين، فأعجب بفتاة من الحي ذات عقل ودين، قال: فأرسل إليها بهذه الأبيات:
فَدَيتُكِ هَل إلى وَصلٍ سَبيلٌ، ... وَهَلْ لكِ في شِفَا بَدَنٍ عَليلِ
فعِندَكِ مُنيَتي وَشِفَاءُ سُقمي، ... فداويني، فدَيتُكِ، مِنْ غَليلي
فلما وصل الرسول إليها عذلته، وقالت: ما هذا؟ أو يكتب إلى النساء بمثل هذا؟ وكبتت إليه كتاباً تضعف من رأيه وتوبخه وتأمره بالكف عن ذلك، وفيه:
ألا يا أيّها النِّضوُ المُعَنّى! ... رُوَيدَكَ في الهَوَى رِفقاً قَليلا
لَنَا رَبٌّ يُعَذّبُ مَنْ عَصَاهُ ... وَيُسكِنُ ذا التّقى ظِلاَّ ظليلا
وكان موسراً، فضمكن لها أنه يدفع إليها ماله. فقالت للرسول: لا حاجة لي في ذلك ولا إليه سبيل. قال: وكيف ذاك؟ قالت: ويحك إني كنت عاهدت ابن عمي إن مات أن لا أتزوج بعده، وذلك أنه نظر إلي يوماً نظرة أنكرتها ودمعت عيناه، وأنشأ يقول:
كَأني بالتّرَابِ يُهَالُ طُرّاً ... عَلى بَدَني، وَتَندُبُني نِسَايَا
وَأُصبحُ رَهنَ مُوحِشَةٍ دَفِيناً، ... وَبِنتُ، وَقُطّعَتْ مِنكُم عُرَايَا
وَيَنسَاني الحَبيبُ لفَقدِ وَجهي، ... وَيُحدِثُ مُؤنِساً أيضاً سِوَايَا
قالت: فقلت له: كأنك تعرض بي؟ فقال: ومن في العالم أخشى عليه هذا غيرك؟ قالت: فأجبته، فقلت:
ألا طِبْ أيّهَا المَحزُونُ نَفساً، ... فَإنّي لا أخونُكَ في وَدَادِ
وَلا أبغي سِوَاكَ مَعي أنِيساً، ... وَلا يَنحاشُ بَعدَكَ لي فُؤادِي
قالت: فقال لي: أوَتَفينَ بهذا لي؟ قالت: فقلت: اي والله لا أخونك أبداً، وحاشاك من قولك! فأنشأ يقول:
وَإنّي لا أخُونُكَ بَعدَ هَذا، ... وَلم أنقضْ على حَدَثٍ عُهُودي
وَلا أبغي سِوَاكِ، الدّهرَ، إنّي ... عَليّ بِذاكَ شَاهِدَةٌ شُهُودي
قالت: فرضيت بذلك منه ورضي به مني، فعاجلته أقدار الله تعالى، فصار إليه، وما كنت لأنقض عهده أبداً، فقل لصاحبك أن يقبل على شأنه ويدع ذكر ما لا يتم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
scofield
عضو مميز
عضو مميز
scofield


المساهمات : 541
نقاط التميز : 213
طالب بقسم : كلية الآداب(E)
السنة الدراسية : الأولى
العمر : 33
الدولة : سورية
البرج : العذراء
البرج الصيني : الماعز
الجنس : ذكر

اربعة عشر قصه حب من العصر القديم مع التوثيق Empty
مُساهمةموضوع: رد: اربعة عشر قصه حب من العصر القديم مع التوثيق   اربعة عشر قصه حب من العصر القديم مع التوثيق Empty27/09/09, 11:14 pm

قرأت معظمها وسأكمل الباقي لاحقا

بصراحة فيها من أجمل القصص التي قرأت

مشكوووووور موضوع ممتع

يسلمو ايديك أخي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر
Anonymous



اربعة عشر قصه حب من العصر القديم مع التوثيق Empty
مُساهمةموضوع: رد: اربعة عشر قصه حب من العصر القديم مع التوثيق   اربعة عشر قصه حب من العصر القديم مع التوثيق Empty30/09/09, 04:57 am

بالفعل مثل ما قال الأخ Scofield موضوع بغاية المتعة ..


يسلمو إيديك

حبيت عدّل شوي بتنسيقات الموضوع .. تقبّل مروري ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اربعة عشر قصه حب من العصر القديم مع التوثيق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أسواق العرب في العصر الجاهلي
» العصر الحجري
» العصر الرومنسي وادبه
» علامات الأدب في العصر المملوكي
» النصائح العشر لفتيات العصر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتــــــــديـــــات كليـــــــــة الآداب الثـــــانيـــة في إدلـــــــــــب  :: قسم الأدب العربي :: منتدى الشعر والادب العربي-
انتقل الى: