إن كتاب Davidovits الشهير والذي جاء بعنوان Ils ont bati les pyramides ونشر بفرنسا عام 2002 حل جميع المشاكل والألغاز التي نسجت حول طريقة بناء الأهرامات، ووضع آلية هندسية بسيطة للبناء من الطين، وكان مقنعاً لكثير من الباحثين في هذا العلم.
ويؤكد بعض الباحثين أن الأفران أو المواقد استخدمت قديماً لصناعة السيراميك والتماثيل. فكان الاستخدام الشائع للنار أن يصنعوا تمثالاً من الطين الممزوج بالمعادن وبعض المواد الطبيعية ثم يوقدون عليه النار حتى يتصلب ويأخذ شكل الصخور الحقيقية. وقد استخدمت العديد من الحضارات أسلوب الطين المسخن لصنع الأحجار والتماثيل والأدوات.
كما أكدت الأبحاث جميعها أن الطريقة التي كان يستخدمها الفراعنة في الأبنية العالية مثل الأهرامات، أنهم يصنعون سككاً خشبية تلتف حول الهرم بطريقة حلزونية مثل عريشة العنب التي تلتف حول نفسها وتصعد للأعلى.
أبحاث أخرى تصل إلى النتيجة ذاتها
لقد أثبتت تحاليل أخرى باستخدام الأشعة السينية وجود فقاعات هواء داخل العينات المأخوذة من الأهرامات، ومثل هذه الفقاعات تشكلت أثناء صب الأحجار من الطين بسب الحرارة وتبخر الماء من الطين، ومثل هذه الفقاعات لا توجد في الأحجار الطبيعية، وهذا يضيف دليلاً جديداً على أن الأحجار مصنوعة من الطين الكلسي ولا يزيد عمرها على 4700 سنة.
ويؤكد البرفسور الإيطالي Mario Collepardi والذي درس هندسة بناء الأهرامات أن الفراعنة كل ما فعلوه أنهم جاؤوا بالتراب الكلسي المتوفر بكثرة في منطقتهم ومزجوه بالتراب العادي وأضافوا إليه الماء من نهر النيل وقاموا بإيقاد النار عليه لدرجة حرارة بحدود 900 درجة مئوية، مما أ**به صلابة وشكلاً يشبه الصخور الطبيعية.
إن الفكرة الجديدة لا تكلف الكثير من الجهد لأن العمال لن يحملوا أية أحجار ويرفعونها، كل ما عليهم فعله هو صنع القوالب التي سيصبّ فيها الطين ونقل الطين من الأرض والصعود به في أوعية صغيرة كل عامل يحمل وعاء فيه شيء من الطين ثم يملؤوا القالب، وبعد ذلك تأتي عملية الإحماء على النار حتى يتشكل الحجر، ويستقر في مكانه وبهذه الطريقة يضمنوا أنه لا توجد فراغات بين الحجر والآخر، مما ساهم في إبقاء هذه الأهرامات آلاف السنين..
حجرين متجاورين من أحجار الهرم، ونلاحظ التجويف البيضوي الصغير بينهما والمشار إليه بالسهم، ويشكل دليلاً على أن الأحجار قد صُبت من الطين في قالب صخري. لأن هذا التجويف قد تشكل أثناء صب الحجارة، ولم ينتج عن التآكل، بل هو من أصل هذه الحجارة. Michel Barsoum, Drexel University
الحقيقة العلمية تتطابق مع الحقيقة القرآنية
بعد هذه الحقائق يمكننا أن نصل إلى نتيجة ألا وهي أن التقنية المستعملة في عصر الفراعنة لبناء الأبنية الضخمة كالأهرامات، كانت عبارة عن وضع الطين العادي المتوفر بكثرة قرب نهر النيل وخلطه بالماء ووضعه ضمن قوالب ثم إيقاد النار عليه حتى يتصلب وتتشكل الحجارة التي نراها اليوم.
هذه التقنية يا أحبتي بقيت مختفية ولم يكن لأحد علم بها حتى عام 1981 عندما طرح ذلك العالم نظريته، ثم في عام 2006 أثبت علماء آخرون صدق هذه النظرية بالتحليل المخبري الذي لا يقبل الشك، أي أن هذه التقنية لم تكن معروفة نهائياً زمن نزول القرآن، ولكن ماذا يقول القرآن؟ لنتأمل يا إخوتي ونسبح الله تبارك وتعالى.
بعدما طغى فرعون واعتبر نفسه إلهاً على مصر!! ماذا قال لقومه، تأملوا معي (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي) [القصص: 38]، سبحان الله! إلى هذا الحد بلغ التحدي والاستكبار؟ ولكن فرعون لم يكتف بذلك بل أراد أن يتحدى القدرة الإلهية وأن يبني صرحاً عالياً يصعد عليه ليرى من هو الله، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. وبالتالي أراد أن يثبت لقومه الذين كانوا على شاكلته أن موسى عليه السلام ليس صادقاً، وأن فرعون هو الإله الوحيد للكون!!
فلجأ فرعون إلى نائبه وشريكه هامان وطلب منه أن يبني صرحاً ضخماً ليثبت للناس أن الله غير موجود، وهنا يلجأ فرعون إلى التقنية المستخدمة في البناء وقتها ألا وهي تقنية الإيقاد على الطين بهدف صب الحجارة اللازمة للصرح، يقول فرعون بعد ذلك: (فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ) [القصص: 38].
ولكن ماذا كانت النتيجة؟ انظروا وتأملوا إلى مصير فرعون وهامان وجنودهما، يقول تعالى: (وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ * فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) [القصص: 39-40].
قد يقول قائل هل الصرح هو ذاته الأهرام؟ ونقول غالباً لا، فالصرح هو بناء مرتفع أشبه بالبرج أو المنارة العالية، ويستخدم من أجل الصعود إلى ارتفاع عالٍ، وقد عاقب الله فرعون فدمَّره ودمَّر صرحه ليكون لمن خلفه آية، فالبناء الذي أراد أن يتحدى به الله دمَّره الله ولا نجد له أثراً اليوم. وتصديق ذلك أن الله قال في قصة فرعون ومصيره الأسود: (وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ) [الأعراف: 137]. وبالفعل تم العثور على بعض الحجارة المبعثرة والتي دفنتها الرمال خلال آلاف السنين.
صورة لأحد الأهرامات الثلاثة في الجيزة، ولا تزال قمته مغطاة بطبقة من الطين، وهذه الطبقة هي من نفس نوع الحجارة المستخدمة في البناء، وهذا يدل على أن الطين استخدم بشكل كامل في بناء الأهرامات. وهذه "التكنولوجيا" الفرعونية كانت ربما سراً من أسرار قوتها، وحافظت على هذا السر حتى في المخطوطات والنقوش لا نكاد نرى أثراً لذكر هذا السر، وبالتالي فإن القرآن يحدثنا عن أحد الأسرار الخفية والتي لا يمكن لأحد أن يعلمها إلا الله تعالى، وهذا دليل قوي على أن القرآن كتاب الله!